الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فعهدة هذا الخاتم على جدة السائلة؛ ليس لأنها أمرت ابنتها بكتمان أمره، وحبسه عن مالكته فحسب، بل لكون ابنتها في هذا الوقت لم تكن بالغة في الغالب، وقد سلمت إليها الخاتم؛ لتسلمه لصاحبته، لكنها لم تفعل، فهي آثمة بذلك، وضامنة للخاتم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد والترمذي، وغيرهما.
وما دام التعدي على الخاتم قد حصل بالفعل، فالواجب هو دفع قيمته لصاحبة الخاتم، أو ورثتها إن أمكن الوصول إليهم، وإلا تصدق بها عن صاحبته، عملا بالمستطاع.
جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني ناقلا عن ابن تيمية - رحمهما الله تعالى - قوله: إذا كان بيد الإنسان غصوب، أو عواري، أو ودائع، أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فالصواب أن يتصدق بها عنهم.
والوقت المعتبر في تعيين قيمة الخاتم هو يوم التعدي عليه بامتلاكه، لأنه وقت دخوله في ضمان المتعدي، قال النووي في «منهاج الطالبين»: إن تلفت غرم مثلها، أو قيمتها يوم التملك. اهـ.
وجاء في «فتاوى الرملي»: الواجب قيمتها يوم تملكها بمكانه؛ لأنه يوم دخولها في ضمانه. اهـ.
وقال القسطلاني في إرشاد الساري: لأنه يوم دخولها في ضمانه، وضمانها ثابت في ذمته من يوم التلف. اهـ.
وعلل ذلك ابن نجيم في الأشباه والنظائر، فقال: لقولهم: إن سبب الضمان تصرفه في مال غيره بغير إذنه. اهـ.
والله أعلم.