مذاهب الفقهاء في تقديم الكفارة على الحنث
26-10-2023 | إسلام ويب
السؤال:
إذا حلفت أنه إذا حدث شيء ما فسأفعل شيئا معينا، ثم أدركت أنه إذا حدث ذلك الشيء فربما لا تكون عندي القدرة على فعله، فصمت الكفارة، فهل يصح هذا؟ أم يجب علي أن أنتظر حدوث هذا الشيء، وإذا لم أكن -فعلا- قادرة على القيام به أصوم الكفارة وقتها؟
الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقديم الكفارة على الحنث محل خلاف بين العلماء، وأكثرهم على جواز التقديم.
قال ابن قدامة في المغني: فأما كفارة سائر الأيمان، فإنها تجوز قبل الحنث وبعده، صوما كانت، أو غيره، في قول أكثر أهل العلم، وبه قال مالك، وممن روي عنه جواز تقديم التكفير عمر بن الخطاب، وابنه، وابن عباس، وسلمان الفارسي، ومسلمة بن مخلد -رضي الله عنهم- وبه قال الحسن، وابن سيرين، وربيعة، والأوزاعي، والثوري، وابن المبارك، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو خيثمة، وسليمان بن داود، وقال أصحاب الرأي: لا تجزئ الكفارة قبل الحنث؛ لأنه تكفير قبل وجود سببه، فأشبه ما لو كفر قبل اليمين، ودليل ذلك أن سبب التكفير الحنث، إذ هو هتك الاسم المعظم المحترم، ولم يوجد، وقال الشافعي كقولنا في الإعتاق، والإطعام، والكسوة، وكقولهم في الصيام، من أجل أنه عبادة بدنية، فلم يجز فعله قبل وجوبه لغير مشقة، كالصلاة، ولنا، ما روى عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير ـ رواه أبو داود، وفي لفظ: وائت الذي هو خير ـ رواه البخاري... ولأنه كفر بعد وجود السبب، فأجزأ. اهـ.
وعليه: فإنه يصح تقديمكِ للكفارة على الحنث -بغض النظر عن ظنكِ القدرة على فعل المحلوف عليه، أو عدم القدرة عليه- مع التنبيه إلى أن الصيام لا يجزئ في الكفارة إلا عند العجز عن العتق، والإطعام، والكسوة، كما قال تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ {المائدة: 89}.
والله أعلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقديم الكفارة على الحنث محل خلاف بين العلماء، وأكثرهم على جواز التقديم.
قال ابن قدامة في المغني: فأما كفارة سائر الأيمان، فإنها تجوز قبل الحنث وبعده، صوما كانت، أو غيره، في قول أكثر أهل العلم، وبه قال مالك، وممن روي عنه جواز تقديم التكفير عمر بن الخطاب، وابنه، وابن عباس، وسلمان الفارسي، ومسلمة بن مخلد -رضي الله عنهم- وبه قال الحسن، وابن سيرين، وربيعة، والأوزاعي، والثوري، وابن المبارك، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو خيثمة، وسليمان بن داود، وقال أصحاب الرأي: لا تجزئ الكفارة قبل الحنث؛ لأنه تكفير قبل وجود سببه، فأشبه ما لو كفر قبل اليمين، ودليل ذلك أن سبب التكفير الحنث، إذ هو هتك الاسم المعظم المحترم، ولم يوجد، وقال الشافعي كقولنا في الإعتاق، والإطعام، والكسوة، وكقولهم في الصيام، من أجل أنه عبادة بدنية، فلم يجز فعله قبل وجوبه لغير مشقة، كالصلاة، ولنا، ما روى عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير ـ رواه أبو داود، وفي لفظ: وائت الذي هو خير ـ رواه البخاري... ولأنه كفر بعد وجود السبب، فأجزأ. اهـ.
وعليه: فإنه يصح تقديمكِ للكفارة على الحنث -بغض النظر عن ظنكِ القدرة على فعل المحلوف عليه، أو عدم القدرة عليه- مع التنبيه إلى أن الصيام لا يجزئ في الكفارة إلا عند العجز عن العتق، والإطعام، والكسوة، كما قال تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ {المائدة: 89}.
والله أعلم.