الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أخذ جهة التوظيف لهذا المبلغ بالشرط المشار إليه في السؤال: (إذا تم رفضي من جهة العمل يمكن استرداد المبلغ .... الخ).
ويكون ذلك من باب الجعالة، أو الإجارة بشرط إتمام العمل (وهو هنا حصول التوظيف بالفعل)، فإذا لم يتم العمل، استرد الجعل، أو الأجرة.
قال خليل في مختصره: صحة الجعل بالتزام أهل الإجارة جُعلا عُلم يستحقه السامع بالتمام، ككراء السفن. اهـ.
قال الدردير في «الشرح الكبير»:(بالتمام) للعمل بتمكين ربه منه، وإلا لم يستحق شيئا (ككراء السفن)، هذا تشبيه في أنه لا يستحق فيه الأجر إلا بتمام العمل ...
ومثل السفينة مشارطة الطبيب على البرء، والمعلم على حفظ القرآن، أو بعضه، أو صنعة، والحافر على استخراج الماء بموات مع علم شدة الأرض، وبعد الماء ...
فهذه الأشياء إجارة لازمة، إلا أن لها شبها بالجعالة من حيث إنه لا يستحق الكراء إلا بتمام العمل ... واعلم أن هذه المسألة إنما تكون من الإجارة على البلاغ، إن صرح عند العقد بالإجارة، أو سكت، ولم يصرح بشيء، أما إن صرح عنده بالجعالة كانت جعالة. اهـ.
ومن أهل العلم من لا يصحح ذلك إلا جعالة، كمشارطة الطبيب على البرء، أو شفاء المرض.
قال ابن قدامة في «المغني»: فأما إن قدرها بالبرء، فقال القاضي: لا يجوز؛ لأنه غير معلوم. وقال ابن أبي موسى: لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء؛ لأن أبا سعيد حين رقى الرجل، شارطه على البرء.
والصحيح -إن شاء الله- أن هذا يجوز، لكن يكون جعالة، لا إجارة؛ فإن الإجارة لا بد فيها من مدة، أو عمل معلوم.
فأما الجعالة، فتجوز على عمل مجهول، كرد اللقطة، والآبق، وحديث أبي سعيد في الرقية إنما كان جعالة، فيجوز ههنا مثله. اهـ.
والمقصود هو صحة العقد، سواء أكان إجارة على إتمام العمل، أو جعالة.
والله أعلم.