الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يلزم البائع أن يبيع بضاعته لكل راغب فيها، بل له الامتناع من بيعها لفلان، ليبيعها لغيره، أو يشترط بيع بضاعة مع بضاعة أخرى، وفق ما بيناه في الفتوى رقم: 293737.
لكن قد يخرج الحكم عن هذا الأصل لعارض ما، كما لو علم الصيدلاني أن الزبون مضطر إلى هذا الدواء، لتوقف حياته عليه، أو سلامة إحدى حواسه، أو نحو ذلك، أو كانت اللوائح المنظمة تمنع ذلك الفعل لمصلحة عامة، أو لدفع مفسدة محققة، فلا تجوز مخالفتها، كما قرر العلماء في مسألة طاعة الحاكم فيما يأمر به، أو ينهى عنه، لتحقيق مصلحة عامة، أو دفع مفسدة، فيطاع فيه ظاهرا وباطنا.
وإن كان صاحب الصيدلية لا يهمه تحري ما هو مباح من ذلك، مما ليس مباحا، فعلى العامل أن يتجنب مباشرة ما ليس مباحا من ذلك، ولا حرج في البقاء في عمله.
ولو وقع الموظف في شيء مما لا يجوز له من ذلك، فإنه يأثم، لكن هذا لا يؤثر على ما يكسبه من عمله؛ لأن العقد مع صاحب العامل ليس على هذا، بل على عمل مباح من حيث الأصل، وراجع الفتوى: 342157.
وأما العمل في الصيدلية مساعدا، أو نحو ذلك من دون شهادة، ومؤهل معتبر، وإنما بمجرد الخبرة، والتكوين البسيط: فهذا لا يجوز، ويؤكد ذلك أن الغالب أن تكون اللوائح المنظمة للعمل تمنع ذلك للمصلحة العامة، وحماية لصحة الناس، وأرواحهم من تلاعب غير المؤهلين، وانظر الفتوى: 96913.
والله أعلم.