الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعينكِ على ما فيه رضاه، ثم اعلمي أن الحلم بالتحلم، والعلم بالتعلم، وأنه من يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ.
فالأخلاق يحصل كثير منها بالاكتساب والدربة، وذلك يكون بأمور:
أهمها على الإطلاق: دوام دعاء الله تعالى واللجأ إليه، فالنفوس مملوكة له سبحانه، والقلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن خُلُقي ـ قال الهيثمي في المجمع: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَقَالَ: فَحَسِّنْ خُلُقِي ـ وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَوْسَجَةَ بْنِ الرَّمَّاحِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
ومن تلك الوسائل: دوام مجاهدة النفس، وهو التحلم، والتصبر المذكور في النصوص، فيحمل الإنسان نفسه على الخلق الحسن حتى يكون ذلك سجية له، وطبعا لا تطبعا، ويحاسب نفسه كثيرا هل نجح في تطبيق تلك المجاهدة، وتنفيذ ما يريد منها أم لا؟ ثم يواصل المجاهدة كل يوم، ويواصل التصحيح، ولا ييأس إذا فشل مرة، أو مرات، بل يكرر حتى تستقيم له نفسه على ما يريد.
ومنها: مصاحبة الأخيار ذوي الخلق الحسن، فإن أخلاقهم تعدي، وتنتقل إلى من يصحبهم.
ومنها: دوام قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وسير السلف الصالحين، وتذكير النفس بأخبارهم على الدوام.
ومنها: تذكر ما للخلق الحسن من الفضيلة، والمنزلة، وأنه أحد أهم أسباب دخول الجنة، فلو لم يكن إلا ثواب الآخرة لكفى مرغبا فيه، معينا عليه، فكيف وهو يجلب مع ذلك محبة الناس، وحسن الثناء في الدنيا، نسأل الله أن يحسن أخلاقنا.
والله أعلم.