الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك؛ أنّ زوجتك اشترطت في عقد الزواج شروطا قبلها والدك -رحمه الله- وقبلت بها؛ ومن هذه الشروط أن تسكنها في بيت مستقل لا يشاركها فيه أحد، وقد وفيت بشروطها؛ لكن بعد وفاة والدك تريد أن تنقل زوجتك لتسكن مع أمّك في بيتها، والزوجة ممتنعة من الانتقال إلى بيت أمّك، وصارت تخرج من البيت بغير إذنك، فإن كان ما فهمناه صحيحا؛ فالشروط التي اشترطتها الزوجة، وليس فيها مخالفة للشرع، أو منافاة لعقد الزواج؛ شروط صحيحة لازمة، على الراجح عندنا؛ فإذا لم تف بها، كان من حقّ الزوجة أن تطالب بحقها حتى ولو كان فسخ الزواج، وراجع الفتوى: 405829.
وأمّا السكن المستقل؛ فهو حق للزوجة، سواء شرطته في العقد، أم لم تشترطه، وإن كنت محتاجا للسكنى مع والدتك، فاجتهد في إقناع زوجتك بالسكنى معها، فإن رضيت -فالحمد لله- وإلا فاحرص على بر أمك، والإحسان إليها بما يتيسر لك، وإذا كان بيت أهلك واسعاً، بحيث يمكنك أن تجعل زوجتك في جزء منه مستقل بمدخله، ومرافقه فافعل، وراجع الفتوى: 402493.
وأمّا خروج زوجتك من بيتك دون إذنك لغير ضرورة؛ فهو معصية، ونشوز محرم، قال الخطيب الشربيني -رحمه الله- في الإقناع: وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، لا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ، وَلا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ، إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلا إلَى اسْتِفْتَاءٍ، إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا، وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا. انتهى.
وراجع الفتوى: 372034.
ونصيحتنا لزوجتك أن تتقي الله، وتعاشرك بالمعروف، ولا تخرج من بيتك إلا بإذنك، وينبغي عليها أن تتفهم حاجتك للانتقال إلى بيت أمّك، ومن المروءة، وحسن العشرة ألا تمتنع من ذلك، وأن تعينك على برّ أمّك، والإحسان إليها.
والله أعلم.