الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمناقصات لها حكم بيع المزايدة، فإن تقدمت للمناقصة شركات أخرى غير هاتين الشركتين؛ فلا حرج في الاتفاق بينهما على سعر واحد، وترك المزايدة.
وأما إذا لم تتقدم للمناقصة شركة أخرى غير هاتين الشركتين، فلا يجوز لهما الاتفاق على ترك المزايدة، لرفع السعر على الجهة التي طرحت المناقصة؛ لما في ذلك من الغش والتدليس والبخس. وقد قال الله تعالى: وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ {الشعراء: 183}.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: عن تاجرين عرضت عليهما سلعة للبيع فرغب في شرائها كل واحد منهما، فقال أحدهما للآخر: أشتريها شركة بيني وبينك، وكانت نيته أن لا يزيد عليه في ثمنها وينفرد فيها، فرغب في الشركة لأجل ذلك، فاشتراها أحدهما ودفع ثمنها من مالهما على السوية. فهل يصح هذا البيع والحالة هذه؟ أو يكون في ذلك دلسة على بائعها والحالة هذه؟
فأجاب: الحمد لله، أما إذا كان في السوق من يزايدهما ولكن أحدهما ترك مزايدة صاحبه خاصة لأجل مشاركته له: فهذا لا يحرم؛ فإن باب المزايدة مفتوح، وإنما ترك أحدهما مزايدة الآخر، بخلاف ما إذا اتفق أهل السوق على أن لا يزايدوا في سلع هم محتاجون لها، ليبيعها صاحبها بدون قيمتها ويتقاسمونها بينهم، فإن هذا قد يضر صاحبها أكثر مما يضر تلقي السلع إذا باعها مساومة؛ فإن ذلك فيه من بخس الناس ما لا يخفى. اهـ.
وراجع لمزيد من الفائدة الفتويين: 51982، 461437.
والله أعلم.