الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليست الثمرة هي الغاية الوحيدة لغرس الأشجار، وخصوصًا في عصرنا هذا، فإن الأشجار تغرس للحفاظ على البيئة وتوازنها، وتحسين المناخ، وحفظ التربة، وللاستظلال بها، وغير ذلك من المصالح.
قال الدكتور/ عبد الغني أحمد مزهر في بحثه -فضل الزراعة في الإسلام- المنشور في مجلة البحوث الإسلامية: الأجر في الغرس، والزرع لا ينحصر في زراعة المثمر وحسب، بل يحصل بزراعة المثمر وغير المثمر، وذلك لحصول الانتفاع للحيوان، والطير، والدواب، بل لحصول النفع للإنسان من جهة أخرى غير الأكل، فيقاس على الأكل ما ينتفع من الأشجار والمزروعات من تنزه، وتجميل للبيئة، أو تمتع برؤيتها، واستظلال بظلها، أو ما تحققه من منافع أخرى كثيرة، كتطييب المناخ، وحفظ للتربة، وصد للغبار والأتربة، وتنقية للهواء من التلوث، وكذلك ما يستفاد منها في أغراض الصناعة كصناعة الورق، والثقاب، وصناعة الأخشاب المختلفة المتعددة الأغراض. اهـ.
وما دام في الشجرة منفعة، فالأصل هو تركها، فلا تقطع إلا لمصلحة أكبر من مصلحة بقائها، كشق طريق، أو توسعته، أو بناء بيت، أو استعمال خشبها في غرض مباح، حتى ولو لم يكن ضروريًّا، أو حاجِيًّا، فيكفي أن يكون فيه منفعة مباحة.
قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: قال المهلب: يجوز قطع الشجر والنخل لخشب يتخذ منه، أو ليخلى مكانها لزرع، أو غيره، مما هو أنفع منه، يعود على المسلمين من نفعه أكثر مما يعود من بقاء الشجر، لأن النبي قطع النخل بالمدينة، وبني في موضعه مسجده الذي كان منزل الوحي، ومحل الإيمان. اهـ.
وأما قطعها عَبَثًا لغير غرض، فهذا هو المذموم، وهو من جملة الإفساد في الأرض، وراجع في ذلك الفتويين: 77506، 63086.
وأما أوراق وأزهار الأشجار الموجودة في الأماكن العامة، فينبغي اجتناب قطعها إن كان يضر بالشجرة، أو يخالف الغرض التي غُرِست من أجله، كالزينة وتجميل المكان.
وانظر للفائدة الفتويين: 144467، 247780.
والله أعلم.