الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصاحب السلس إن علم انقطاع حدثه زمنًا يتسع لفعل الطهارة والصلاة؛ لزمه الانتظار لهذا الوقت حتى يصلي فيه، وليس له أن يبطئ، أو يطيل في الصلاة حتى يعاوده الحدث؛ لأنه يمكنه الصلاة بطهارة صحيحة، فلم يكن معذورًا.
وأما إن كان حدثه غير منضبط: فالذي نفتي به أنه يتوضأ بعد دخول الوقت، ولا يضره ما خرج منه. وانظر الفتوى:434161.
والصحيح أن المعتبر قدر ما يجزئ في الصلاة، فليس لصاحب السلس الذي علم انقطاعه أن يزيد عن الواجبات إذا علم أن الحدث يعود لو فعل.
وقد ناقش فقهاء الشافعية هذه المسألة، ورجحوا هذا القول.
قال الخطيب الشربيني في شرح المنهاج: وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهَا التَّأْخِيرَ فِيمَا إذَا اعْتَادَتْ انْقِطَاعَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْقُدْرَةِ.
تَنْبِيهٌ: اُخْتُلِفَ فِي الْعَادَةِ الَّتِي تَسَعُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ مُدَّةً تَسَعُهُمَا مَعَ سُنَنِهِمَا أَمْ مَا يَسَعُ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ مِنْهُمَا؟ أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُتَأَكَّدِ مِنْ سُنَنِهِمَا وَغَيْرِهِ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَمْ يُبَيِّنَا هُنَا مِقْدَارَ الصَّلَاةِ، وَالْمُتَّجَهُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ اعْتِبَارُ أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ كَرَكْعَتَيْنِ فِي ظُهْرِ الْمُسَافِرِ.
وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فِي الْكِتَابِ: فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَسَعُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ الَّتِي طَهُرَتْ لَهَا فَلَهَا الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ. اهـ.
وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَاجِبِ مِنْ الْوُضُوءِ وَمِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي تَطَهَّرَتْ لَهَا. انتهى.
وعليه؛ فإنه لا يطيل والحال هذه، ولو فات الخشوع المستحب، بل يقتصر على ما لا يعاوده الحدث مع فعله؛ ليؤدي الصلاة بطهارة صحيحة.
والله أعلم.