الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتم ابتداءً في الرد على تلك المحاضِرة، حين تكلمت بالمنكر، وأنكرت السنة. وهذا الشأن في كل مجلس يُفعل فيه المنكر أن يُنهى المتكلم بالمنكر، فإن كف عن منكره، فذاك، وإلا؛ وجب مفارقة المكان.
والرد على منكري السنة من الجهاد في سبيل الله، إذ الجهاد باللسان ضرب من ضروب الجهاد، كما قال ابن القيم في الزاد: وَأَمَّا جِهَادُ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فَأَرْبَعُ مَرَاتِبَ: بِالْقَلْبِ، وَاللِّسَانِ، وَالْمَالِ، وَالنَّفْسِ، وَجِهَادُ الْكُفَّارِ أَخَصُّ بِالْيَدِ، وَجِهَادُ الْمُنَافِقِينَ أَخَصُّ بِاللِّسَانِ. اهــ.
وأما عدم الحضور لها مستقبلا: فلا حرج أن تحضر محاضراتها مستقبلا، وإن تكلمَتْ بالباطل؛ فعودوا للإنكار عليها، كما فعلتم أولا.
والممنوع شرعا هو أن تجلسوا حين كلامها بالمنكر، وأما إن توقفت عن المنكر: فلا حرج في الجلوس، ويدل على هذا قول الله سبحانه: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ {الأنعام:68}.
قال ابن كثير: أَيْ: حَتَّى يَأْخُذُوا فِي كَلَامٍ آخَرَ غَيْرِ مَا كَانُوا فِيهِ. اهــ.
وقال البغوي: وَإِنْ خَاضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ، فَلَا بَأْسَ بِالْقُعُودِ مَعَهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ. اهــ.
وقال القرطبي: حَتَّى: حَرْفٌ يَعْطِفُ غَايَةَ الشَّيْءِ عَلَيْهِ، فَالنَّهْيُ عَنِ الْقُعُودِ مَعَهم غَايَته أن يَكُفُّوا عَنِ الْخَوْضِ فِي الْكُفْرِ بِالْآيَاتِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهَا. اهــ.
وانظر الفتاوى: 157997، 348286، 189453، 177371.
والله أعلم.