الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام البيع آجلاً، والحسم من الثمن بالوصف المذكور متفقاً عليه في العقد نفسه، فهذا يُشكل على معلومية الثمن، الذي هو شرط في صحة البيع عند عامة أهل العلم، ووجه الإشكال أن جهالة كمية المسحوبات خلال الشهر يُبقي الثمن مترددا بين قيمتين! ومحل النظر والخلاف هنا هو أثر مآل الثمن إلى المعلومية، بعد معرفة كمية المسحوبات خلال الشهر، فإن هذا يمنع النزاع بين المتعاقدين، ولا يمنع التسليم والتسلم للثمن والمثمن.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن مثل هذه الجهالة مغتفرة، باعتبار أن مآلها إلى العلم.
قال السرخسي في المبسوط: والجهالة إنما تمنع إذا كانت تفضي إلى منازعة مانعة من التسليم. اهـ.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع، في شروط صحة البيع: أن يكون المبيع معلوما، وثمنه معلوما علما يمنع من المنازعة، فإن كان أحدهما مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة، فسد البيع، وإن كان مجهولا جهالة لا تفضي إلى المنازعة، لا يفسد؛ لأن الجهالة إذا كانت مفضية إلى المنازعة، كانت مانعة من التسليم والتسلم، فلا يحصل مقصود البيع، وإذا لم تكن مفضية إلى المنازعة، لا تمنع من ذلك؛ فيحصل المقصود. اهـ.
وعلى هذا القول، فلا مانع من المعاملة بالطريقة التي ذكرها السائل.
والله أعلم.