الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جاءت النصوص من الكتاب والسنة مطلقة في النهي عن النظر إلى المرأة الأجنبية، سواء كانت مسلمة أو ذمية أو غيرها، ولم تقيد النصوص حرمة النظر بالمسلمة دون الكافرة، أو بما كان بشهوة دون ما لم يكن بشهوة.
قال تعالى: [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ] (النور:30).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. كما في السنن عن علي رضي الله عنه، والمقصود هنا بالنظرة الأولى نظرة الفجاءة، كما هو مبين في حديث جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة، فقال: اصرف بصرك. كما في سنن الترمذي وأبي داود.
ولأن المعنى الذي من أجله حرم النظر إلى أجنبية مسلمة متحقق في المرأة غير المسلمة أيضا.
وقول سفيان الثوري رحمه الله: لا بأس بالنظر إلى زينة نساء أهل الذمة، وإنما نهي عن ذلك لخوف الفتنة لا لحرمتهن. يفهم منه أنه يرى جواز النظر إلى نساء أهل الذمة حيث أمنت الفتنة، وحيث لم تؤمن لم يجز، وهو اجتهاد ورأي، وقد استدل بقوله تعالى: [وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ] (الأحزاب: 59). ولكن هذا لا يعارض به الأدلة الصريحة الثابتة ولا يقيد به الأدلة المطلقة، هذا لو ثبت هذا عن سفيان رحمه الله، وثبوته يحتاج إلى نظر وبحث، وابن كثير رحمه الله قد ذكره بصيغة التمريض، إذ قال: وروي عن سفيان..
والله أعلم.