الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يصحّ من الصائم تطوُّعًا، تغيير نيّة صيامه الذي أتمّه إلى نيّة صيام القضاء، ولا تغيير النية أثناء اليوم إلى صيام القضاء بعدما أصبح متطوعا.
قال الماوَرْدِيُّ في الحاوي الكبير: لا يجُوزُ نَقْلُ فَرْضٍ إِلَى فَرْضٍ، كَظُهْرٍ إِلَى عَصْرٍ. فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ فَرْضِهِ الْأَوَّلِ؛ لِتَغْيِيرِ النِّيَّةِ، وَلَا عَنِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْهُ بِالنِّيَّةِ.
وَلَا يَجُوزُ نَفْلٌ إِلَى نَفْلٍ؛ لِأَنَّهُمَا إِنْ كَانَا مِثْلَيْنِ، فَلَا مَعْنَى لِتَغْيِيرِ النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ كَانْتِقَالٍ مِنْ وِتْرٍ إِلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، لم يجب؛ لأن افتتاحها بِالنِّيَّةِ وَاجِبٌ. وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ نَفْلٍ إِلَى فَرْضٍ؛ لِعَدَمِ النِّيَّةِ فِي ابْتِدَائِهَا. انتهى.
وتغيير النية بعد الفراغ من العبادة وإتمامها، لا يصح -أيضا- فإنها قد وقعت موقعها.
جاء في الأشباه والنظائر للسيوطي: نوى قطع الصلاة بعد الفراغ منها، لم تبطل بالإجماع، وكذا سائر العبادات. انتهى.
وعليه، فما صمتِ لا يحتسب من قضاء رمضان، بل هو على ما نويت ِمن صيام ست من شوال. وعدم إكمالها ستًّا لا يبطل أجر ما صمته منها، وينبغي الحرص على إتمامها ولو مفرقة؛ إذ لا يلزم في صيامها التتابع.
قال النووي -رحمه الله تعالى- في المجموع: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُسْتَحَبُّ صَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ، فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ شَوَّالٍ جَازَ. وَكَانَ فَاعِلا لأَصْلِ هَذِهِ السُّنَّةِ؛ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَإِطْلاقِهِ. وَهَذَا لا خِلافَ فِيهِ عِنْدَنَا. وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُد. انتهى.
والله أعلم.