الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء لا يمكننا أن نعطي فتوى محددة بخصوص هذه القضية المتضمنة لبعض الدعاوى، فقد توجد ملابسات تحتاج إلى التوضيح والاطلاع على حقيقة ما جرى، فيحسن في هذه الحالة الرجوع إلى المحكمة الشرعية، أو مشافهة العلماء.
وعلى وجه العموم نقول: ليس من حق الأم أن تأمر ابنتها بطلب الطلاق من زوجها لغير سبب مشروع، ولا يجب على ابنتها طاعتها في ذلك، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 448012.
وليس من حق أهل الزوجة الضغط على الزوج ليطلق زوجته لغير مسوغ شرعي.
والإكراه المعتبر شرعا، ويمكن الحكم معه بعدم وقوع الطلاق قد بيَّنه العلماء وضبطوه، فإذا تحقق الزوج أو غلب على ظنه أن يسجن ظلما إن لم يطلق؛ فلا يقع الطلاق في هذه الحالة.
جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يقع طلاق المكره، والإكراه يحصل إما بالتهديد، أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد إكراها. اهـ.
وفي القوانين الفقهية لابن جزي المالكي: وأما من أكره على الطلاق بضرب، أو سجن، أو تخويف؛ فإنه لا يلزمه عند الإمامين، وابن حنبل؛ خلافا لأبي حنيفة. اهـ. يقصد بالإمامين مالك والشافعي.
فإذا تيقن الزوج، أو غلب على ظنه أنه سيسجن ظلما، وطلق زوجته لهذا السبب، يكون مكرها، ولا يقع طلاقه.
والحكم على صحة أو عدم صحة زواج المطلقة بالصورة المذكورة من زوج آخر ينبني على أمر وقوع الطلاق من عدمه، بناء على كون الإكراه معتبرا أم لا؟ على التفصيل الذي ذكرناه سابقا.
ولذا؛ نؤكد على ما نبهنا عليه في البدء من أهمية مراجعة المحكمة الشرعية، أو مشافهة العلماء للنظر في هذه القضية، والاستيضاح فيما قد يحتاج لذلك، وبيان الحكم بناء عليه.
والله أعلم.