الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أنّ الغضب الذي لا يُزيل العقل؛ لا يمنع وقوع الطلاق أو الظهار. وهذا هو المفتى به عندنا، لكنّ بعض أهل العلم لا يوقع الطلاق في الغضب الشديد، ولو لم يَزُل العقل، وراجع الفتوى: 337432.
والمسائل التي اختلف فيها أهل العلم، لا حرج على من عمل بقول من أقوالهم فيها، ما دام مطمئنا إلى صحة القول، وليس متبعا لهواه، وانظر الفتوى: 241789.
فإن كنت سألت من تثق بعلمه ودينه من أهل العلم؛ فأفتاك بعدم وقوع الطلاق بسبب الغضب؛ فلا حرج عليك في العمل بقوله.
لكن المفتى به عندنا في قولك عن زوجتك: "تحرم عليَّ كأمي وأختي" أنّه ظهار، فيحرم عليك جماع زوجتك قبل أن تكفر كفارة الظهار المذكورة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة: 3-4}. وراجع الفتوى: 105241.
وننبهك إلى أنّ الندم لا أثر له على وقوع الطلاق أو عدمه.
ونصيحتنا لك أن تحذر من الاندفاع والاسترسال مع الغضب؛ فإنّه مفتاح الشر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- أَوْصِنِي قَالَ: لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري.
قال ابن رجب: فهذا يدل على أن الغضب جِماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير. اهـ.
والله أعلم.