الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا أراد الرجل أن يتزوج امرأة فإنه يندب له أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، كما في المسند وسنن أبي داود عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها فليفعل. زاد أبو داود: قال جابر: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها.
وفي المسند وسنن الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قلت: لا، فقال: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قال: لا، قال: فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا.
قال الحافظ ابن حجر: فيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء. اهـ.
ومعنى (فإن في أعين الأنصار شيئا) قيل: عمش، وقيل صغر، وقال في الفتح: الثاني: وقع في رواية أبي عوانة في مستخرجه، فهو المعتمد. ونقله عن الغزالي.
ولا يشترط في ذلك إذنها ولا إذن أوليائها عند جمهور أهل العلم اكتفاء بإذن الشارع، ولعموم الأخبار في ذلك مثل حديث جابر المتقدم.
وللخاطب أن يكرر النظر حتى يحصل المقصود، فإن حصل وجب أن يكف عنه.
واختلف الفقهاء فيما يباح للخاطب رؤيته ممن أراد خطبتها:
فذهب أكثر الفقهاء إلى أنه يجوز له أن ينظر إلى الوجه والكفين.
وذهب داود إلى جواز نظر الخاطب لجميع بدن المخطوبة.
وذهب الأوزاعي إلى جواز النظر إلى مواضع اللحم، وأجاز بعض الحنفية جواز النظر إلى الرقبة والقدمين كذلك، وأجاز بعض الحنابلة زيادة النظر إلى ستة مواضع وهي: الوجه، والرأس، والرقبة، واليد، والقدم، والساق، والراجح قول الجمهور.
والله أعلم.