الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما جاء به الإمام المذكور من قوله بعد الفاتحة: يا رب العالمين اللهم اغفر لي ولوالدي، يعتبر في غير محله، لكن لا تبطل الصلاة لأجله، ولا يترتب سجود سهو بسببه سواء كان عمداً أو سهواً، قال ابن قدامة في المغني: النوع الثاني: أن يأتي فيها بذكر أو دعاء لم يَرد الشرع به فيها كقوله آمين يا رب العالمين، وقوله الله أكبر كبيراً ونحو ذلك، فهذا لا يشرع له السجود، لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلاً يقول في الصلاة: الحمد لله حمد كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى فلم يأمره بالسجود. انتهى.
أما قول الإمام: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب... إلى آخره فهذا دعاء الاستفتاح الثابت في الصحيحين وغيرهما لكن محله المشروع ليس بعد الفاتحة، وإنما هو بعد الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة، فكأن هذا الإمام أتى بذكر مشروع في الصلاة في غير محله، وقد فصل ابن قدامة القول في هذا حيث قال: القسم الثاني: ما لا يبطل عمده الصلاة وهو نوعان: أحدهما: أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية، أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك.. إذا فعله سهواً فهل يشرع له سجود السهو على روايتين، إحداهما: لا يشرع له سجود لأن الصلاة لا تبطل بعمده، فلم يشرع السجود لسهوه كترك سنن الأفعال.
والثانية: يشرع له السجود لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم، فإذا قلنا يشرع له السجود فذلك مستحب غير واجب، لأنه جبر لغير واجب، فلم يكن واجباً كجبر سائر السنن، قال أحمد: إنما السهو الذي يجب فيه السجود ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الأصل عدم وجوب السجود. انتهى.
وعليه؛ فصلاة الإمام المذكورة صحيحة، كما تصح الصلاة خلفه، لكن ينصح بحكمة ويؤمر بالاقتصار على الإتيان بدعاء الاستفتاح والأذكار في محلها.
والله أعلم.