الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصلاتك صحيحة، ولا حرج عليك -إن شاء الله-، فقراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، وأما الجهر بالقراءة، فهو سنة عند الجمهور -في صلاة الفجر، والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء-، وواجب عند الأحناف في حق الإمام.
وإعادة قراءة الفاتحة في الصلاة للإتيان بسنة الجهر، هو الصواب.
وسجود السهو لذلك محلّ خلاف بين أهل العلم.
وعلى القول بمشروعيته؛ فهو للاستحباب، كما سبق ذكره في الفتوى: 268201.
وإعادة الفاتحة -وإن كانت من أركان الصلاة-، لا تبطلها؛ لأنها ركن قولي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات للبعلي: وتبطل الصلاة بتعمّد تكرار الركن الفعليّ، لا القوليّ. انتهى.
وقال النووي في المجموع: فإن قرأ الفاتحة مرتين سهوًا، لم يضرّ، وإن تعمّد، فوجهان: الصحيح المنصوص، لا تبطل؛ لأنه لا يُخِلّ بصورة الصلاة. انتهى.
وقال ابن هبيرة في اختلاف الأئمة: واتفقوا على أنه إذا جهر فيما يُخافَت فيه ناسيًا، ثم ذكر، خَافَت فيه فيما بقي، ولم يُعِد فيما جهر فيه، وإن خَافَت فيما يُجهَر فيه ناسيًا، ثم ذكر، أعاد القراءة، إلا أبا حنيفة، فإنه قال: إذا خافت فيما يجهر فيه، وكان منفردًا؛ فلا شيء عليه. وإن كان إمامًا: فإن كان الذي خافت فيه من الفاتحة، فإن كان الذي قرأه الأكثر منها؛ وجب عليه السجود للسهو، وإلا فلا. انتهى.
وقال النووي في المجموع: ولو جهر في موضع الإسرار، أو عكس؛ لم تبطل صلاته، ولا سجود سهو فيه، ولكنه ارتكب مكروهًا. هذا مذهبنا، وبه قال الأوزاعي، وأحمد في أصح الروايتين. وقال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، وإسحاق: يسجد للسهو. دليلنا قوله في حديث أبي قتادة: ويسمعنا الآية أحيانًا. وهو صحيح -كما سبق-.
والله أعلم.