الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأفضل الدعاء بأدعية الكتاب، والسنة، والاستغناء بها عن الأدعية الموجودة في الشعر.
وقد بينا في الفتوى: 174351 أن الدعاء لا يكون بالشعر، وأن العلماء أنكروا الدعاء بكلمات مسجوعة، ومنتقاة من ألفاظ الشعراء، وجعلوها من الاعتداء في الدعاء؛ ومع ذلك لا نرى إنكار الدعاء بما فيه سجع، أو رجز بإطلاق، فقد ذكر بعض الفقهاء جواز الدعاء المسجوع، إذا كان محفوظًا، أو غير متكلّف، قال النووي في المجموع: وَلَا يَتَكَلَّفُ السَّجْعَ فِي الدُّعَاءِ، وَلَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ الْمَسْجُوعِ، إذَا كَانَ مَحْفُوظًا، أَوْ قَالَهُ بِلَا تَكَلُّفٍ، وَلَا فَكَّرَ فِيهِ، بَلْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ تَكَلُّفَ تَرْتِيبِهِ، وَإِعْرَابِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْغَلُ قَلْبَهُ. اهـ.
وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ارتجز برجز عبد الله بن رواحة يوم الخندق، فقال:
اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا
إِنَّ الأَعْدَاءَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا.
قال الحافظ في الفتح: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا؛ فَإِنَّهُ دَعَا اللهَ تَعَالَى. اهــ.
والرجز نوع من أنواع الشعر، كما صححه القرطبي في المفهم، ونسبه الحافظ في الفتح إلى الجمهور، فإذا كان هذا دعاء؛ فإنه يدلّ على جواز الدعاء بأبيات مسجوعة محفوظة.
والقصيدة المسؤول عنها ورد فيها أبياتٌ فيها دعاء، فلو أن الداعي دعا بها أثناء دعائه؛ لم نر عليه بأسًا، ومنها:
فَيا مَلِك المُلوك أَقل عثاري فإني عنك أنأتني الذنوبُ.
وألهمني لذكرك طول عمري فإن بذكرك الدنيا تطيبُ.
والله أعلم.