الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه على أن تفتيح البشرة يختلف حكمه بحسب وسيلته وغرضه، فيباح منه ما كان بالدهانات ونحوها، مما لا يضر ويكون تأثيره مؤقتا، وراجعي في تفصيل ذلك الفتاوى: 206452، 37009، 60113، 283942، 19759.
وحتى قشر الوجه وإن كان محل خلاف بين أهل العلم، إلا أن القول بجوازه قول سائغ معتبر، كما سبق لنا بيانه في الفتوى: 384808.
وأما بخصوص حال السائلة، فما سمته قبحا، لا يصح، والحقيقة غير ذلك، والسبب في هذا الوهم هو ما ذكرته عن نفسها من كونها عصبية، ولا تستطيع تحمل قول من ينصحها بتقبل نفسها على ما هي عليه! مع أن هذا هو أنفع شيء لها؛ فإن تقبلها لنفسها هو الذي سيزيل عنها وهم أن الناس لا يتقبلونها! بل هي التي لا تتقبل نفسها.
وعلى أية حال، فلا يخلو إنسان في الغالب من مسحة جمال من زاوية معينة، وقد خلقه الله في أحسن تقويم، وقد أحسن الله كل شيء خلقه، كما قال تعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ {السجدة: 7}.
ولهذا لما اعتذر عمرو الأنصاري عن إسباله الإزار بكونه حمش الساقين -أي دقيقهما ورفيعهما- قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ. رواه أحمد، وصححه الألباني.
فعليك أختي الكريمة بالرضا بقضاء الله وقسمته؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ اللَّهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ. فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ، بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ وَوَسَّعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يُبَارِكْ لَهُ. رواه أحمد وصححه الألباني.
ونوصيك بالنظر لمن هم دونك في الهيئة والشكل، وأصحاب العاهات والأمراض، حتى لا تزدري نعمة الله عليك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم: انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم.
والله أعلم.