الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المؤمن الحق يصل ولا يقطع، ومهما حصل لك من أخيك فلا يسوغ القطيعة لجرها لعقاب الله والخزي في الدنيا والآخرة.
ولا يخفى على مسلم أن صلة الرحم من الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. رواه البخاري.
فدل هذا على أن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر لا يقطع رحمه.
وإذا أردت أخي المسلم أن يوسع لك في رزقك، ويمد لك في عمرك، فصل رحمك. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري.
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه. رواه البزار والحاكم.
وإذا أردت أن يصلك الله فصل رحمك. عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله. رواه مسلم.
وقد استجاب الله الكريم سبحانه لها، فمن وصل أرحامه وصله الله بالخير والإحسان، ومن قطع رحمه تعرض إلى قطع الله إياه، وإنه لأمر تنخلع له القلوب أن يقطع جبار السماوات والأرض عبدا ضعيفا فقيرا.
ولا شك أن الصلة الحقيقة هي صلة من آذاك. فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
فعليك أخي بتقوى الله عز وجل ولا تجعل للشيطان عليك طريقا، وصل رحمك ولا تقطع، وعليك بالصبر، فالقطيعة ليست هي العلاج، إنما العلاج في الصلة والعفو، ويجب على المسلم أن يزيل ما قد علق في النفس من ترسبات قديمة تزيد من الشر وتنقص من الخير، وعليك أخي بالدعاء لك ولأخيك، لعل الله أن يزيل ما بينكما من نفور ويرد كيد الشيطان، إن كيد الشطان كان ضعيفا.
والله أعلم.