الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب على والدتك؛ ألا تتصرّف في المبلغ الذي وجدته قبل تعريفه سنة.
وقد اختلف أهل العلم في تعريف اللقطة بعد انقضاء سنة على الالتقاط، أو أكثر.
والراجح عندنا؛ أنّه إذا غلب على الظن اليأس من الوصول إلى صاحبها؛ لطول المدة؛ فلا يجب التعريف، ولكن تجب على أمّك التوبة إلى الله تعالى، وعليها أن تتصدّق بهذا المبلغ، مع ضمانه لصاحبه، إن ظهر، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، لَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ فِيمَا عَدَا الْحَوْلَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمِلْكِ التَّعْرِيفُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُوجَدْ, وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا أَوْ يَحْبِسَهَا عِنْدَهُ أَبَدًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. انتهى.
وجاء في مطالب أولي النهى: وله- أي: من بيده الغصوب، ونحوها، إن لم يدفعها للحاكم -الصدقة بها عنهم- أي: عن أربابها، بلا إذن حاكم، وقال في "الغنية": يجب عليه ذلك- أي: التصدق بها. ويتجه حمله- أي: لزوم التصدق- مع عدم حاكم أهل للائتمان، كحكامنا الآن، فإن وجد حاكم أهل -وهو أندر من الكبريت الأحمر- فلا يلزمه التصدّق بها، بل يكون مخيرًا بين دفعها إليه؛ ليبرأ من عهدتها، وبين الصدقة بها، وهو متجه؛ بشرط ضمانها لأربابها إذا عرفهم؛ لأن الصدقة بدون الضمان إضاعة لمال المالك، لا على وجه بدل، وهو غير جائز، وله شراء عرض بنقد، ويتصدّق به، ولا يجوز في ذلك محاباة قريب، أو غيره، نص عليها. وكذا حكم مسروق، ونحوه؛ كلقطة حرم التقاطها، ولم يعرفها، فيتصدق بها عن ربها بشرط الضمان، أو يدفعها للحاكم الأهل. انتهى مختصرًا. وانظر الفتوى: 59086.
والله أعلم.