الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتحرير مذهب أبي محمد ابن حزم -رحمه الله- في المسح على ما يستر الرأس: أنه يرى جواز المسح على جميع ما يستر الرأس -من عمامة، وخمار، وقلنسوة، وغير ذلك-، سواء ستر جميع الرأس أم لا، وسواء لبس على طهارة أم لا، وسواء لبس ليمسح أم لا، ولا يتقيد ذلك عنده بمدّة، وهاك عباراته في ذلك -رحمه الله-، قال في المحلى: وكل مَا لُبِسَ عَلَى الرَّأْسِ -مِنْ عِمَامَةٍ، أَوْ خِمَارٍ، أَوْ قَلَنْسُوَةٍ، أَوْ بَيْضَةٍ، أَوْ مِغْفَرٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ-: أَجْزَأَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا. الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِ عِلَّةٍ.
وقال: وسواء لبس ما ذكرنا على طهارة أو غير طهارة.
وقال: ويمسح على كل ذلك أبدًا بلا توقيت، ولا تحديد. انتهى.
وابن حزم لا يوجب مسح جميع الرأس، بل يوجب ما وقع عليه اسم المسح، قال: وقال داود: يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ مَسْحٍ. وَكَذَلِكَ بِمَا مَسَحَ مِنْ أُصْبُعٍ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، وَأَحَبُّ إلَيْهِ الْعُمُومُ ثَلَاثًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. انتهى.
وبما أوردناه من كلام أبي محمد ابن حزم يتبين أن مذهبه في ذلك واسع جدًّا، وأن من مسحت على خمارها، أجزأها، وإن لبسته لهذا -لأجل المسح عليه-، وإن لبسته على غير طهارة، وإن لم يغط جميع الرأس.
لكننا لا نفتي بهذا المذهب، وإنما نرى أن الأحوط مذهب الحنابلة، وهو أن العمامة يشترط لها ما يشترط للخفين من الشروط، ويشترط أن تكون ساترة أكثر الرأس، وأن تكون محنكة، أو ذات ذؤابة.
ويشترط في خمر النساء أن تكون مدارة تحت حلوقهن.
نعم، قد يسهّل في بعض تلك الشروط عند الحاجة، كما وضحناه في الفتوى: 115024.
ولا يفوت التنبيه على حرمة التبرّج، ووجوب نصح من تتعاطاه بأن تستر جميع رأسها؛ لأن شعر المرأة كله عورة.
والله أعلم.