الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فههنا ثلاث مسائل:
الأولى: أن تصرف ولي الأمر بتقييد المباحات يجب امتثاله إذا تعينت فيه المصلحة، أو غلبت، وإلا وجب ذلك في الظاهر دون الباطن، فلا يتعلق بمخالفته إثم في الباطن، وإنما يبقى الوجوب في الظاهر منعا للفتنة، والفوضى، وفساد الأمور. وراجعي في ذلك الفتوى: 137746.
والثانية: أن المرء إذا وجب عليه الالتزام بتقييد ولي الأمر للمباح، فخالف، فهذا لا يعني حرمة أجرته، أو راتبه، وإنما يعني أنه يأثم، وأما الأجرة فحكمها يتعلق بحكم العمل ذاته، فإن كان العمل مباحا في ذاته؛ فأجرته حلال، ويبقى إثم مخالفة النظام في رقبة صاحبه.
والثالثة: أن الضرورات تبيح المحظورات، ولكن الضرورة تقدر بقدرها، وهذا بلا ريب يختلف من حال إلى حال، ومن شخص إلى شخص. وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء.
والله أعلم.