الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنزعتان من الرأس في قول جمهور العلماء، سواء كانت صفتهما كما ذكرت، أو لم تكن، ومن ثَمَّ، فإنك تمسحينهما مع الرأس، ولا تغسلينهما مع الوجه، وإن غسلتهما مع الوجه، فذلك مستحب عند فقهاء الشافعية، خروجا من الخلاف.
وقد بين النووي الخلاف في هذه المسألة، وسببه، ورجحان قول الجمهور. فقال ما عبارته: وَقَوْلُهُ: وَالنَّزَعَتَانِ مِنْهُ، هَذَا مَذْهَبُنَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الأصحاب، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ قَوْمٍ مِن الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ قَالُوا: النَّزَعَتَانِ مِن الْوَجْهِ لِذَهَابِ الشَّعْرِ عَنْهُمَا، وَاتِّصَالِهِمَا بِالْوَجْهِ. وَدَلِيلُنَا أَنَّهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي حَدِّ الرَّأْسِ، فَكَانَتَا مِنْهُ، وَلَيْسَ ذَهَابُ الشَّعْرِ مُخْرِجًا لَهُمَا عَنْ حُكْمِ الرَّأْسِ، كَمَا لَوْ ذَهَبَ شَعْرُ نَاصِيَتِهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْعَرَبُ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ النَّزَعَةَ من الرأس، وذلك ظاهر في شعرهم. نص الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى اسْتِحْبَابِ غَسْلِ النَّزَعَتَيْنِ مَعَ الْوَجْهِ، وَنَقَلَ النَّصَّ عَنْهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالُوا: وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ غَسْلَهُمَا مَعَ الْوَجْه. انتهى.
والله أعلم.