الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فخلاصة جواب هذا السؤال ما يلي:
المال الذي دفعه جدك لأبيك هبة سائغة فيما يظهر، وليس فيها ظلم لأنه أعطى بقية أولاده هبات كلاً حسب حاجته، وهذا التصرف كافٍ في رفع وصف الجور في هبة الوالد لأولاده، بل لو أفرد الوالد ولده بهبة لمسوغ لكان ذلك جائزاً، وراجع في هذا الفتوى رقم: 14254.
والموهوب له يمتلك الهبة بالحيازة ومن الحيازة التي تفيد الملك تصرف الموهوب له في الهبة بيعاً وشراء، جاء في شرح مختصر الخرشي على خليل: من شرط صحة الاعتصار للهبة (الرجوع عنها)، أن لا تفوت من عند الموهوب له ببيع أو غصب. انتهى.
وقد قام أبوك بشراء الأرض من المال الذي وهبه إياه جدك، وبهذا صارت الأرض المشتراة ملكاً لأبيك وليس للورثة فيها حق، وإنما حقهم فيما تركه جدك من أرض تخصه، فيقتسمونها مع أبيك حسب أنصبتهم الشرعية.
وأما البيت الذي سجله جدك باسم أبيك فيقال فيه ما قيل في الأرض وحيازته تكون بنقل ملكيته إلى أبيك في الأوراق الرسمية أو بما تعورف عليه أنه حيازة.
وبقيت هنا مسألة لم يتعرض لها السائل وهي أن جده أخذ الدية التي دفعتها الدولة له عن ابنه المقتول، وهذه الدية تعتبر ميراثاً للابن المتوفي تأخذ منه أمه السدس فرضاً والباقي للأب تعصيباً، والإخوة محجوبون بالأب، وهذه القسمة في حال ما إذا لم يكن للابن المقتول وارث غير ما ذكر.
فإذا كان جدك وجدتك دفعا هذا المبلغ هبة لوالدك فالمسألة على حالها الذي سبق ذكره، وإن لم تك جدتك دفعت نصيبها لوالدك فإن سدس تلك الدية يعود تركة لجدتك فينظر في من ورثها عند موتها ويعطى له.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.