الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أهمية الحرص على تحري الكسب الحلال الطيب، والبعد عن الحرام والشبهات، ولا ريب في كون هذا الأمر في زماننا لم يعد سهلا ميسورا. لكن هذا لا يعني أنّ باب الحلال قد أغلق على الناس، ولم يعد بوسع أحد أن يأكل الحلال، أو أنّه لا يمكن الوصول إلى الحلال إلا بالدخول في الحرج وركوب المحظور.
فهذا مبالغ فيه، والصحيح أنّ الوصول إلى الحلال ممكن، وأنّ الله -تعالى- لم يكلفنا ما لا نطيق، ولم يجعل علينا حرجا في هذا الدين.
جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وإن مما نعتقد أن الله لا يأمر بأكل الحلال، ثم يعدمهم الوصول إليه من جميع الجهات؛ لأن ما طالبهم به موجود إلى يوم القيامة؛ والمعتقد أن الأرض تخلو من الحلال والناس يتقلبون في الحرام؛ فهو مبتدع ضال، إلا أنه يقل في موضع ويكثر في موضع؛ لا أنه مفقود من الأرض. انتهى.
والأصل أنّ بيع المباحات النافعة جائز، وكسبه حلال، ولو استعمله المشتري في الحرام، فلا إثم على البائع، ولا يلزم البائع أن يفتش، ويسأل المشتري عن غرضه، وراجع الفتوى: 313708
ومسألة الإعانة على المحرمات؛ فيها تفصيل، فهي محرمة إذا كان فيها قصد أو مباشرة، أمّا الإعانة غير المباشرة ولا المقصودة؛ فليست محرمة، وراجع الفتوى: 312091
وفي حكم المال المكتسب من بيع المباح الذي يستعان به على محرم، راجع الفتوى: 425494
فاستعن بالله -تعالى- واجتنب المكاسب المحرمة، واحرص على تحري الحلال قدر وسعك، وما عجزت عنه فأنت معذور فيه. وسدد وقارب.
والله أعلم.