الأدلة على وجوب ستر الوجه والكفين

10-2-2004 | إسلام ويب

السؤال:
هل تغطية الوجه والكفين أمر واجب في الحجاب؟ وهل من لا تفعل ذلك تعتبر سافرة؟ وهل هناك نص صريح من كتاب الله أو سنة رسوله يوجب تغطيتهما ويحرِّم كشفهما؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في وجوب تغطية الوجه والكفين من المرأة أمام الأجانب. فمذهب الإمام أحمد، والصحيح من مذهب الشافعي أنه يجب على المرأة ستر وجهها وكفيها أمام الرجال الأجانب، لأن الوجه والكفين عورة بالنسبة للنظر، ومذهب أبي حنيفة ومالك أن تغطيتهما غير واجبة، بل مستحبة، لكن أفتى علماء الحنفية والمالكية منذ زمن بعيد أنه يجب عليها سترهما عند خوف الفتنة بها أو عليها، والمراد بالفتنة بها: أن تكون المرأة ذات جمال فائق، والمراد بخوف الفتنة عليها أن يفسد الزمان، بكثرة الفساد وانتشار الفساق، وعلى هذا يمكن أن يقال إن فقهاء المذاهب الأربعة متفقون على وجوب ستر وجه المرأة عند خوف الفتنة وفساد الزمن.

ولذلك من لم تستر وجهها حيث يجب عليها ستره، فهي غير محجبة الحجاب الشرعي الكامل.

وأما الأدلة على وجوب الستر من القرآن والسنة فكثيرة منها:

1- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب: 59]، وقد قرر أكثر المفسرين أن معنى الآية: الأمر بتغطية الوجه، فإن الجلباب هو ما يوضع على الرأس، فإذا أُدنِي ستر الوجه، وقيل: الجلباب ما يستر جميع البدن، وهو ما صححه الإمام القرطبي، وأما قوله تعالى في سورة النور: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور: 31]، فأظهر الأقوال في تفسيره: أن المراد ظاهر الثياب كما هو قول ابن مسعود -رضي الله عنه-، أو ما ظهر منها بلا قصد، كأن ينكشف شيء من جسدها بفعل ريح أو نحو ذلك، والزينة في لغة العرب ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها -كالحلي والثياب-، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة كالوجه والكفين خلاف الظاهر.

2- آية الحجاب، وهي قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب: 53]، وهذه الطهارة ليست خاصة بأمهات المؤمنين، بل يحتاج إليها عامة نساء المؤمنين، بل سائر النساء أولى بالحكم من أمهات المؤمنين الطاهرات المبرءات.

3- قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور: 31]، وقد روى البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما أنزلت هذه الآية أخذن أزورهن. فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها، قال الحافظ ابن حجر: (فاختمرن)، أي: غطين وجوههن. انتهى.

4- قوله تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور: 60]، فدل الترخيص للقواعد من النساء وهن الكبيرات اللاتي لا يشتهين بوضع ثيابهن، والمقصود به ترك الحجاب، بدليل قوله بعد ذلك: غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ. أي: غير متجملات، فيما رخص لهن بوضع الثياب عنه وهو الوجه، لأنه موضع الزينة، دلّ هذا الترخيص للنساء الكبيرات أن غيرهن، وهن الشواب من النساء مأمورات بالحجاب وستر الوجه، منهيات عن وضع الثياب، ثم ختمت الآية بندب النساء العجائز بالاستعفاف، وهو كمال التستر طلباً للعفاف: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ.

5- روى الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وهذا دليل على أن جميع بدن المرأة عورة بالنسبة للنظر.

6- وعن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين. رواه البخاري وغيره، قال الإمام أبوبكر بن العربي: وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئًا من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها. انتهى من عارضة الأحوذي.

وقد قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: كنا إذا مر بنا الركبان -في الحج- سدلت إحدانا الجلباب على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. إلى غير ذلك من الأدلة.

وننصحك بقراءة كتاب "عودة الحجاب" للدكتور محمد أحمد إسماعيل، القسم الثالث من الكتاب، للوقوف على الأدلة مفصلة.

والله أعلم.

www.islamweb.net