الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونوصيك بالصبر على ما يصيبك من جراء ذلك، واحتساب الأجر من الله تعالى، قال تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان:17}. قال ابن كثير -رحمه الله-: عَلِمَ أَنَّ الْآمِرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، لَا بُدَّ أَنْ يَنَالَهُ مِنَ النَّاسِ أَذًى، فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ. انتهى.
وإذا خشيت الأذى من أختك أو أبيك بسبب نهيها عن المنكر؛ فلك سعة في ترك الإنكار باللسان. جاء في شرح النووي على مسلم: والنصيحة لازمة على قدر الطاقة، إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى، فهو في سعة. انتهى.
وكذا إذا رأيت أنّ إنكارك على أختك يؤدي إلى مفسدة أكبر منه؛ فلا يسوغ لك الإنكار. قال ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله؛ فإنه لا يسوغ إنكاره. انتهى.
وإذا تركت النصيحة لأختك؛ فلا تكون ديوثا -والعياذ بالله-، والمسئول عنها هو أبوها، فبَيِّن له ذلك، لكن
لا بد أن يكون البيان برفق وأدب من غير إساءة ولا إكثار.
قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَن الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.
والله أعلم.