الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيادة ياء النداء قبل: (أيها النبي) لا تشرع؛ لأنها لم ترد في صيغ التشهد المأثورة، لكنها لا تبطل الصلاة؛ لأن «أيُّها النبيُّ» مُنادى، حُذفت منه ياء النداء، والأصل: يا أيها النبيُّ. وإنما حُذفت ياء النداء؛ لكثرة الاستعمال والتخفيف.
وكذلك استحضار المصلي عند قوله: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) أنه يلقي السلام على النبي صلى الله عليه وسلم لا شيء فيه، فضلا عن أن يكون من مبطلات الصلاة؛ لأن الله أمرنا بالصلاة والسلام عليه.
وأخرج أبو داود وأحمد والبيهقي وصححه النووي في الأذكار، وجود إسناده الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد يسلم علي، إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: وقوله: يا محمد، يا نبي الله. هذا وأمثاله نداء يطلب به استحضار المنادى في القلب، فيخاطب لشهوده بالقلب، كما يقول المصلي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. والإنسان يفعل مثل هذا كثيرا، يخاطب من يتصوره في نفسه، وإن لم يكن في الخارج من يسمع الخطاب. انتهى.
وجاء في كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية لمحمد بن علان الصديقي: ورأيت الغزالي قال في الإحياء: وقبل قولك: السلام عليك أيها النبي، أحضر شخصه الكريم في قلبك؛ ليصدق أملك في أنه يبلغه ويرد عليك ما هو أوفى منه. اهـ.
ويحتمل أن يقول على طريق أهل العرفان: إن المصلين لما استفتحوا باب الملك بالتحيات، أذن لهم بالدخول في حريم الحي الذي لا يموت، فقرت أعينهم بالمناجاة، فنبهوا على أن ذلك بسبب المصطفى وبركة متابعته، فالتفتوا فإذا الحبيب في حريم الحبيب حاضرا، فأقبلوا عليه قائلين: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
وإلى هذا المعنى أشار الشيخ محمد البكري بقوله: لما كان صلى الله عليه وسلم هو السبب في هذه النعمة الجسيمة، ناسب أن يستحضر المصلي شخصه في ذهنه يخاطبه بكاف الخطاب مخاطبة الحاضر. اهـ.
والله أعلم.