الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن اشتراط البائع على المشتري أن لا يبيع المبيع، وإذا أراد بيعه ألا يبيعه إلا بإذنه، أو له، من الشروط المختلف فيها: فمن العلماء من يرى بطلانها، وبطلان العقد الذي تضمنته، قال النووي في المجموع: ...أن يشترط ما سوى هذه الأربعة، من الشروط التي تنافي مقتضى البيع بأن باعه شيئًا شرط ألا يبيعه... أو إذا باعه لا يبيعه إلا له، وما أشبه ذلك؛ فالبيع باطل.. انتهى.
وفي مختصر خليل ـ عطفًا على جملة من البيوع المنهي عنها ـ: وكبيع، وشرطٍ يناقض المقصود: كأن لا يبيع... اهـ.
وذهب بعض العلماء إلى صحة البيع مع بطلان الشرط، وهذا القول للحسن، والشعبي، وأبي ثور، ورواية عند الحنابلة، جاء في الإنصاف للمرداوي: شرط ما ينافي مقتضى العقد: نحو أن يشرط أن لا يبيع، ولا يهب، فهذا باطل في نفسه. وهل يبطل البيع؟ على روايتين: إحداهما: لا يبطل البيع، وهو الصحيح من المذهب. انتهى.
وفي المسألة قول آخر، وهو صحة البيع والشرط، كما جاء في المصدر السابق في رواية عن أحمد: لو شرط أن لا يبيع، ولا يهب، فنصّ أحمد على الصحة، وقال: ونصوصه صريحة بصحة هذا البيع والشرط. انتهى.
وقد رجّح شيخ الإسلام هذا القول، فقال في مجموع الفتاوى: إذا كان حسن الوفاء، ورعاية العهد مأمورًا به، علم أن الأصل صحة العقود، والشروط؛ إذ لا معنى للتصحيح، إلا ما ترتّب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصوده هو الوفاء به. وإذا كان الشرع قد أمر بمقصود العهود، دل على أن الأصل فيها الصحة، والإباحة... اهـ.
وقال في موضع آخر: وتصح الشروط التي لم تخالف الشرع في جميع العقود... ومثل هذا أن يبيعه بشرط أن يعلمه، أو لا يخرجه من ذلك البلد، أو لا يستعمله في العمل الفلاني ... فإذا امتنع المشتري من الوفاء، فهل يجبر عليه أو ينفسخ؟ على وجهين. انتهى بتصرف يسير.
وعلى هذا القول الأخير؛ فالشرط المذكور لازم، وليس له بيع المنزل دون إذنك، وهذا ما ينصح به.
ويتأكد هنا؛ حفظًا لأواصر الأخوة، ورابطة الرحم، وجزاءً لإحسانك إليه بمحاباتك له في الثمن، فيرضيك بفعل ما تحب من إعلامك، أو بيع العقار لك.
والله أعلم.