الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز مس المصحف للمتطهر، ويحرم على على المحدث من حيث الإجمال.
فقد اتفق الفقهاء، ومنهم الشافعية، والحنابلة على أنه يحرم مس المصحف لغير الطاهر طهارة كاملة من الحدث الأكبر (الذي يوجب الاغتسال)، والأصغر (الذي يوجب الوضوء). وهو الذي كان يفتي به أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام .
واستدلوا على ذلك: بقوله تعالى في سورة الواقعة: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ {الواقعة 77 :79}.
وروى أبو بكر ابن حزم عن أبيه عن جده: أن النبي -صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا، وكان فيه: لا يمس القرآن إلا طاهر. أخرجه النسائي والدار قطني، والبيهقي.
ولكن هناك حالات يستثنى فيها مس المصحف لغير المتوضئ لدى بعض الفقهاء، ونذكر هنا ما يتعلق بمن سألت عنهم من الشافعية والحنابلة.
فاستثنى الشافعية ما إذا خشي المسلم غير المتوضئ على المصحف من التعرض للأذى والامتهان. يقول الخطيب الشربيني الشافعي -رحمه الله-: يجوز حمله لضرورة، كخوف عليه من غرق، أو حرق، أو نجاسة، أو وقوعه في يد كافر، ولم يتمكن من الطهارة, بل يجب أخذه حينئذ كما ذكره في التحقيق، وشرح المهذب، فإن قدر على التيمم وجب. انتهى من مغني المحتاج.
واستثنى الحنابلة مس المحدث للمصحف بحائل، فأجازوه. جاء في مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى من كتب الحنابلة: ولا يحرم مسه بحائل ككيس وكم ؛ لأن المس للحائل لا له. انتهى بتصرف يسير.
وقال ابن قدامة في المغني: لو حمله بعلاقة، أو بحائل بينه وبينه مما لا يتبعه في البيع جاز. انتهى
وعلى هذا؛ لو لبس المحدث قفازا، وتصفح به المصحف؛ فلا حرج عليه عندهم؛ لأن المماسة للحائل لا لبشرته هو.
والله أعلم.