الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت زوجتك معك على الحال التي ذكرت، فلا شك في أن هذا يتنافى مع حسن العشرة، وهو مما أمر به الشرع كلاً من الزوجين تجاه الآخر، كما قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
نقل الطبري عن ابن زيد أنه قال: يتقون الله فيهن، كما عليهن أن يتقين الله فيهم. فاعمل على نصحها، وتذكيرها بسوء صنيعها، وأن هذا قد يترتب عليه الفراق، فإن اتعظت وازدجرت وصلح حالها، فالحمد لله، وإلا فالأفضل طلاقها.
قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى. وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
وأخرج الحاكم في مستدركه -وصححه- عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: ... رجل كانت له امرأة سيئة الخلق، فلم يطلقها....الحديث.
قال المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق ـ بالضم ـ فلم يطلقها، فإذا دعا عليها لا يستجيب له؛ لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. اهـ.
ولا يجوز لك إمساكها وتركها معلقة لا بأيم، ولا بذات زوج، ففي ذلك إضرار بها، فإما إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، كما أمر الله تعالى في كتابه حيث قال: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا..... {البقرة:231}.
وإن كان ذلك برضاها، بمعنى أنها تنازلت عن حقها في النفقة مثلا أو المبيت طواعية، فلا حرج في ذلك؛ فصاحب الحق إذا أسقط حقه، سقط.
والله أعلم.