الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء فيمن لزمه صيام شهرين متتابعين، إذا أفطر ظانًّا بقاء الليل، أو غروب الشمس، ثم بان خلافه، هل ينقطع التتابع، فيلزمه استئناف صيام الشهرين من البداية أم لا؟ قولان لأهل العلم، والمفتى به عندنا أن التتابع لا ينقطع، كما في الفتوى: 271057.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: لو أَفْطَرَ مُكْرَهًا أو نَاسِيًا، كَمَنْ وطئ كَذَلِكَ، أو خَطَأً، كَمَنْ أَكَلَ يَظُنُّهُ لَيْلًا فَبَانَ نَهَارًا؛ لم يَقْطَعْ التَّتَابُعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ، كَالْجَاهِلِ بِهِ. جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: يَقْطَعُهُ، وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. اهـ.
وجاء في «أقرب المسالك» للدردير المالكي: لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ بِإِكْرَاهٍ عَلَى الْفِطْرِ، وَلَا ظَنِّ غُرُوبٍ أَوْ بَقَاءِ لَيْلٍ، وَلَا نِسْيَانٍ لِكَوْنِهِ فِي صِيَامٍ (كَحَيْضٍ، وَنِفَاسٍ) لَا يَقْطَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا التَّتَابُعَ فِي كَفَّارَةٍ، وَقَتْلٍ، أَوْ فِطْرِ رَمَضَانَ. اهــ.
ولكن لا بدّ أن تتابع قضاء ذلك اليوم الذي أفطرته خطأ مع الصيام، ولا تفصل بينهما.
فإن فصلت، انقطع التتابع، ولزمك إعادة الصيام من أوله، جاء في «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للشيخ الدردير»: إذَا أَكَلَ نَاسِيًا، أَوْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ، أَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ؛ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ فِيهِ، وَوَصَلَ الْقَضَاءَ بِصِيَامِهِ. فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَ الْقَضَاءِ بِصِيَامِهِ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا؛ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ، وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ اتِّفَاقًا. اهـ.
والله أعلم.