الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فعورة الرجل في الصلاة هي ما بين سرته وركبته، وأما ما عدا ذلك، فليس من العورة باتفاق العلماء، غير أن الحنابلة أوجبوا ستر أحد المنكبين في صلاة الفريضة، فلبسك هذا الثوب الذي يكشف شيئًا من الرقبة، أو مقدم الصدر، لا حرج فيه البتة، وإنما يضر ذلك إذا أمكن الشخص رؤية عورته من فتحة القميص الواسعة، وأما مع عدم ذلك، فلا يضر، قال البهوتي في شرح الإقناع: (فَإِنْ كَانَ جَيْبُ الْقَمِيصِ وَاسِعًا، سُنَّ أَنْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ بِشَوْكَةٍ) لِحَدِيثِ «سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَكُونُ فِي الصَّيْدِ، وَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَازْرُرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. (فَإِنْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْهُ، بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ، لِفَوَاتِ شَرْطِهَا، وَالْمُرَادُ إنْ أَمْكَنَ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تُرَ لِعَمًى، أَوْ ظُلْمَةٍ، أَوْ خَلْوَةٍ، وَنَحْوِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ. (فَإِنْ لَمْ يَزُرَّهُ) أَيْ: الْجَيْبَ (وَشَدَّ وَسَطَهُ عَلَيْهِ بِمَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ، أَوْ كَانَ ذَا لِحْيَةٍ تَسُدُّ جَيْبَهُ، صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِوُجُودِ السَّتْرِ الْمَأْمُورِ. انتهى.
والله أعلم.