الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن قراءة المرأة القرآن، وتحسين الصوت به مراعاة لأحكام التجويد، ونحو ذلك لا يخلو من تمطيط وتليين للصوت، وقد يترتب على ذلك ما هو منهي عنه من الخضوع بالقول، كما في قوله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب:32}.
قال ابن كثير في تفسيره: ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها. اهـ.
وقال ابن نجيم الحنفي: فإنا نجيز الكلام مع النساء الأجانب ومحاورتهن عند الحاجة إلى ذلك، ولا نجيز لهن رفع أصواتهن، ولا تمطيطها، ولا تليينها، وتقطيعها، لما في ذلك من استمالة الرجال إليهن، وتحريك الشهوات منهم، ومن هذا لم يجز أن تؤذن المرأة. اهـ.
فعلم بهذا أنه لا يجوز للمرأة قراءة القرآن بحيث يتمكن الرجال الأجانب من سماعه؛ سواء عبر اليوتيوب، أو عبر التلفاز، أو غير ذلك من الوسائط.
وكذا بالنسبة لتسجيل المصحف كاملا، إلا إذا كان بإمكانها نشره بين أخواتها الصالحات اللاتي يؤتمن عليه، ويؤمن نشرهن إياه بين الرجال.
وما ذكرناه في أمر قراءة القرآن نقوله هنا فيما يتعلق بالأناشيد الإسلامية، فإنها لا تخلو في الغالب من دواعي الفتنة، وكما أشرنا سابقا فإن مما يؤيد ما ذهبنا إليه ما قاله الجمهور من منع المرأة من الأذان، وما جاء في الحديث من مشروعية التسبيح في الصلاة في حق الرجال، والتصفيق للنساء.
قال العراقي في طرح التثريب عند شرح هذا الحديث: فالتعليل بخوف الافتتان أولى كما فعله ابن عبد البر، فقال في الاستذكار: وقال بعضهم إنما كره التسبيح للنساء؛ لأن صوت المرأة فتنة، ولهذا منعت من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة في صلاتها. اهـ قاله تعقيبا على القول بأن حكمة المنع كون صوت المرأة عورة.
والله أعلم.