الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الوالد تلفظ بهذه العبارة مدركًا لما يقول غير مغلوب على عقله؛ فقد وقع الطلاق واحدة، إلا إذا قصد إيقاع الثلاث؛ فيقعن جميعا عند جماهير العلماء.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقال: أردت التوكيد قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله -عليه السلام-: فنكاحها باطل باطل باطل. وإن قصد الإيقاع، وكرر الطلقات؛ طلقت ثلاثا، وإن لم ينو شيئا لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكنّ متغايرات. انتهى
وإذا وقع طلاقه، ولم يكن مكملا للثلاث؛ فله مراجعة زوجته في عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى: 54195
وأمّا إذا كان تلفظ بالعبارة مغلوبا على عقله؛ فلا يقع طلاقه.
وما دام الحكم على وقوع طلاقه متوقف على معرفة حال الوالد عند التلفظ بالطلاق؛ فالذي ننصح به أن تعرض المسألة على من تمكن مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم.
وننبه إلى أنّ الزوج إذا طلب من زوجته المعاشرة؛ وجب عليها طاعته، ما لم يكن عليها ضرر، فلا حرج عليها في الامتناع من طاعته في هذه الحال.
كما ننبه إلى أنّ للوالدين حقا عظيما، ولا سيما في حال الكبر والمرض، فوصيتنا لكم أن تصبروا، وتجتهدوا في الإحسان إليهما، واحتمال ما يكون منهما من الأذى، والحرص على معاملتهما بالأدب، والرفق، والتوقير.
والله أعلم.