الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فلا تجب صلاة الجمعة على الحاج بمنى، ولكن إذا استوطن منى من تجب عليهم الجمعة بشروطها المعروفة وجبت عليهم، ولا حرج على المسافرين أن يصلوها معهم.
قال الإمام الشافعي -رحمه الله- في الأم: ولا يصلي أهل منى صلاة الأضحى ولا الجمعة، لأنها ليست بمصر. اهـ
وقال مالك في المدونة: لا جمعة بمنى يوم التروية ولا يوم النحر ولا أيام التشريق، ولا يصلون صلاة العيد. اهـ
وقال النووي في المجموع: لا يصلون الجمعة بمنى ولا بعرفات، لأن من شروط الجمعة دار الإقامة، وقال الشافعي والأصحاب: فإن بني بها قرية واستوطنها أربعون من أهل الكمال أقاموا الجمعة، وصلاها معهم الحجيج. اهـ
وقال البهوتي في كشاف القناع: ولا جمعة بمنى وعرفة نصاً، لأنه لم ينقل فعلها هناك وللسفر. اهـ
وأما الحنفية فلهم تفصيل لخصه صاحب مجمع الأنهر فقال: (ومنى مصر في الموسم تصح الجمعة فيها) عند الشيخين -أبي حنيفة وأبي يوسف- لتمصرها في أيام الموسم لاجتماع شرائط المصر وبقاؤها مصراً ليس بشرط، لأن الدنيا على شرف الزوال، خلافاً لمحمد لأنها قرية، أو هو منزل من منازل الحاج، ولهذا لا يصلون فيها صلاة العيد، لهما عدم التعييد بمنى للتخفيف لاشتغال الحاج بالمناسك لا لعدم المصرية (للخليفة -أي بشرط أن يقيمها الخليفة الأعظم- أو أمير الحجاز) وهو أمير مكة، أو المأذون من جهتهم (لا لأمير الموسم) وهو المسمى بأمير الحاج، وإن كان مقيماً، لأنه غير مأمور بإقامة الجمعة إلا إذا كان مأذوناً من جهة من له الإذن، وقيل: إن كان مقيماً تجوز، وإن كان مسافراً لا تجوز، والأول الصحيح كما في البدائع. اهـ
والله أعلم.