الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح أن الحكم لله تعالى وحده، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يشرع من قِبل نفسه، وإنما بوحي من الله، ولذلك وجبت له الطاعة المطلقة. ولذلك يفرد الله تعالى الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور: 56]. كما يعطف الأمر بطاعة رسوله على الأمر بطاعته؛ لكونه مبلغا عنه سبحانه، كما قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [المائدة: 92]، وقال سبحانه: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [النور: 54]، وقال عز وجل: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [التغابن: 12]. فتجد في خاتمة الآيات الثلاث التنبيه على كون الرسول مبلغا عن الله تعالى.
فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام وأمور التشريع، إنما هو بوحي من الله تعالى، ولذلك كانت طاعة الرسول من طاعة الله تعالى، قال سبحانه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أطاعني؛ فقد أطاع الله، ومن عصاني؛ فقد عصى الله. رواه البخاري ومسلم.
ولذلك أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من يفرق بين الحكم الثابت بالقرآن والحكم الثابت بالسنة، فقال صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته، يقول: عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع .. الحديث. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني. وراجع في ذلك، الفتاوى: 31742، 204151، 393787، 4588، 3217.
والله أعلم.