الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما حصل لك إنما وقع بقدر الله تعالى، وهذا لا يتنافى مع سبب التقصير منك، وفي حديث عَبْد اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ، حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ، أَوِ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ. رواه مسلم.
قال النووي في شرحه: الْعَجْزَ هُنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ، وَقِيلَ هُوَ تَرْكُ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ، وَالتَّسْوِيفُ بِهِ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِهِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ الْعَجْزُ عَنِ الطَّاعَاتِ، وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَالْكَيْسُ ضِدُّ الْعَجْزِ، وَهُوَ النَّشَاطُ وَالْحِذْقُ بِالْأُمُورِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْعَاجِزَ قَدْ قَدَّرَ عَجْزَهُ، وَالْكَيِّسُ قَدْ قَدَّرَ كَيْسَهُ. اهـ
وننصحك أيتها الأخت السائلة بعدم الحزن على ما مضى، وأن تجتهدي فيما يُستقبل، وتستعيني بالله تعالى عملا بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ, وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ, وَلَا تَعْجَزْ, وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا, وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ; فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
والله أعلم.