الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يكون العبد داعيًا، ولا تاليًا، ولا ذاكرًا في الصلاة؛ حتى يحرك لسانه، وشفتيه، ويخرج الحروف من مخارجها.
وإنما اختلف العلماء: هل يشترط أن يسمع نفسه حيث لا عوارض، أو لا يشترط ذلك؟ على قولين. واشتراط إسماع النفس مذهب الجمهور، والقول الثاني -وهو أنه يكفي تحريك اللسان، ولو لم يسمع نفسه- هو مذهب المالكية، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
أما عدم تحريك اللسان البتة في الصلاة، فلا يعد ذكرًا، ولا دعاءً، ولا تصح معه الصلاة.
وأما خارج الصلاة: فالعبد مأجور على ما يأتي به من الذكر بقلبه، ولو من غير تحريك اللسان، وإن كان مواطأة القلب للسان أكمل، وأعظم أجرًا.
وإذا علمت هذا؛ فإن دعاءك، وسؤالك الله عز وجل ما تريده جائز لا حرج فيه.
وإن بدت لك المصلحة في خلاف ما دعوت به أولًا، ثم دعوت بغيره، فلا حرج.
وأحسن من هذا كله أن تفوّض الأمر لله، وتسأله أن ييسر لك الخير حيث كان، يقول ابن القيم -رحمه الله-: فاحذر كل الحذر أن تسأله شيئًا مُعيَّنًا خِيرتُه وعاقبتُه مغيبةٌ عنك، وإذا لم تجد من سؤاله بُدًّا، فعلِّقه على شرط علمِه - تعالى - فيه الخيرة، وقدّم بين يدي سؤالك الاستخارة، ولا تكن استخارة باللسان بلا معرفة، بل استخارة من لا علم له بمصالحه، ولا قدرة له عليها، ولا اهتداء له إلى تفاصيلها، ولا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، بل إن وُكِل إلى نفسه هلك كل الهلاك، وانفرط عليه أمره. انتهى.
والله أعلم.