الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دعاء الإنسان على نفسه، فقال صلى الله عليه وسلم: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ» رواه مسلم وغيره.
وعلى ذلك؛ فإن ما فعلته من الدعاء على نفسك أن يدخلك جهنم لو كذبت، مخالف للأمر النبوي.
ثم اعلم أن السبيل القويم في حمل النفس على ملازمة التقوى والأعمال الصالحة، لا يكون بمثل هذا المسلك المخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
ولعلك قد لاحظت أن هذا لم يجن عليك إلا الندم والحسرة، وهذا غير مستغرب، فقد قال الله جل وعلا: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ { النور:63}.
وأما هل يستجاب دعاؤك هذا؛ فاعلم أن دعاء المسلم على نفسه بالنار ممنوع في الأصل، ويخشى على من يدعو بذلك أن يستجاب له؛ لحديث: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم. رواه مسلم.
فظاهر الحديث يدل على أن الدعاء على النفس قد يوافق ساعة إجابة فيستجاب، وقد قال بعض أهل العلم: إن الدعاء على النفس من اللغو الذي لا اعتبار له، ولا مؤاخذة به.
جاء في تفسير البغوي وغيره: قال زيد بن أسلم: ومن اللغو دعاء الرجل على نفسه، تقول لإنسان: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غداً، ويقول: هو كافر إن فعل كذا، فهذا كله لغو لا يؤاخذه الله به ولو آخذهم به لعجل لهم العقوبة، كما قال تعالى: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ـ قال ابن عباس: هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده: لعنكم الله، ولا بارك الله فيكم، قال قتادة: هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب. اهـ.
فننصحك على كل بالصدق في الحديث، والابتعاد عن الكذب، وبصدق التوبة إلى الله مما سبق، وبالالتجاء إلى الله تعالى وكثرة الدعاء والإلحاح فيه أن يصرف عنك السوء المحتمل حصوله؛ فإن الدعاء من أهم الأسباب التي يرد الله تعالى بها البلاء, كما يدل له دعاء القنوت في السنن وصحيح ابن حبان وفيه: وقنا شر ما قضيت.
ولمزيد الفائدة، انظر الفتويين التاليتين: 185501، 76816.
والله أعلم.