الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا بذل المرء ما عليه، وعمل ما في وسعه، فلا يلام على ما فاته من محبوب، ولا على ما حصل له من مكروه، وإنما يلام إذا قصر في الأخذ بالأسباب، أو فرط في واجبه، وضيع ما عليه صونه، وقد قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ [البقرة: 286] وقال: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق: 7].
قال الألوسي في روح المعاني: أي إلا بقدر ما أعطاها من الطاقة. اهـ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم.
قال ابن هبيرة في الإفصاح: قوله "إذا أصابك شيء" يعني إذا احتلت ولم تفد، فقد أعذرت، ولا يترك الاحتياط؛ لأن تارك الاحتياط لا يربح إلا الحسرة. اهـ.
وقال أبو العباس القرطبي في المفهم: يعني: إن الذي يتعين بعد وقوع المقدور التسليم لأمر الله، والرضا بما قدره الله تعالى، والإعراض عن الالتفات لما مضى وفات. اهـ.
والله أعلم.