الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل لك السلامة والعافية من كل بلاء، ووصيتنا لك أن تكثري من الدعاء، وخاصة الأدعية المتضمنة لسؤال الله العافية، وأبشري، وأملي في ربك ما يسرك، فهو عند ظن عبده به، وانظري الفتوى: 151387.
ولا تلتفتي أو تهتمي لأمر مرض قد يصيبك وقد لا يصيبك، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، واحرصي على الذكر إن انتاب قلبك الهموم، فالشيطان عدو الإنسان، وهو حريص على أن ينكد عليه حياته، قال تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {المجادلة:10}، وقال سبحانه: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:36}.
ثم اعلمي أن من القواعد المقررة عند الفقهاء قاعدة:"النفع المتعدي، أفضل من القاصر". أوردها الزركشي في المنثور في القواعد، والسيوطي في الأشباه والنظائر، وغيرهما.
ومن أدلتها ما رواه الطبراني -وحسنه الألباني- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ولأن أمشي مع أخ في حاجة، أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد ـ يعني مسجد المدينة ـ شهرًا... الحديث.
فهذا العمل الذي تقومين به، وهو تعليم القرآن، من أفضل الأعمال، كما في الحديث الذي رواه البخاري عن عثمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
فنفع هذا التعليم متعدٍ لنفعك نفسك وآخرين، والتعبد بتلاوة القرآن وقيام الليل، نفعه راجع إليك فقط، فنفع التعليم أولى.
ويمكنك أن تحاولي قراءة شيء من القرآن في طريقك للعمل والعودة منه حسب الإمكان، وإن لم يمكنك التلاوة فالاستماع، فالاستماع نوع من العبادة تؤجرين عليها، وراجعي الفتوى: 4263.
وقيام الليل وقته واسع، من بعد صلاة العشاء وإلى قبيل طلوع الفجر. فمن كل هذه الأوقات صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ويمكنك أن تصلي ما يتيسر: ركعتين أو أربعا، وتوترين بواحدة.
فإن أذن لك زوجك في هذا العمل، فالأفضل استمرارك عليه. ولكن إن كان ذلك يتعارض مع قيامك بشؤون البيت، ويترتب عليه تقصيرك فيها، فالقيام بأعباء البيت مقدم على ذلك العمل؛ لأن ما كان واجبا مقدم على ما ليس بواجب.
والراجح عندنا أن خدمة المرأة زوجها واجبة، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 13158.
ونحسب أن الأمر يسير إن حصل تفاهم بينك وبين زوجك، بحيث تتعاونان على أمر البيت حسب الإمكان، خاصة مع ذكرت من العرف عندكم في مساعدة الزوج لزوجته، وهو عرف طيب، موافق للهدى النبوي، وانظري الفتوى: 55015.
والله أعلم