الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى أنك تأثم بالبقاء في هذه المجموعة، والحال كما ذُكِر في السؤال. وهذا ليس لكونك تنكر بالقلب، وتحذف الرسائل السيئة فقط، بل لكونك ناصحتهم فرادى، فقمت بالواجب عليك من بذل النصح لهم، فعرفوا بذلك إنكارك لمنكرهم، وأنك لا تقرهم عليه، فبرئت بذلك ذمتك. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة: أنكرها - كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
قال القاري في المرقاة: المعنى من حضرها فكرهها، أي فأنكرها ولو بقلبه كان كمن غاب عنها أي ولم يعلم بها، ومن غاب عنها أي وعلم بها فرضيها، أي فرضي بها واستحسنها كان كمن شهدها أي ولم ينكرها. انتهى.
وقال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم): من شهد الخطيئة فكرهها قلبه كان كمن لم يشهدها إذا عجز عن إنكارها بلسانه ويده، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها وقدر على إنكارها ولم ينكرها؛ لأن الرضا بالخطايا من أقبح المحرمات، ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب، وهو فرض على كل مسلم لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال. وخرج ابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حضر معصية فكرهها، فكأنه غاب عنها، ومن غاب عنها فأحبها، فكأنه حضرها» وهذا مثل الذي قبله. فتبين بهذا أن الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم في كل حال، وأما الإنكار باليد واللسان فبحسب القدرة. اهـ.
وانظر للفائدة الفتوى: 209785.
والله أعلم.