الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب سؤالك تلخصه آية واحدة في كتاب الله، وهي قوله تعالى: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء:23}.
فالله تعالى لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وعدله، وفي حديث دعاء الكرب الذي أخرجه أحمد في مسنده يقول الداعي: ماض في حكمك، عدل في قضاؤك.
فعليك أن تستشعر هذه المعاني، وتوقن أن الله تعالى حكيم، وأنه لم يقدر ما قدره إلا لحكمة بالغة، وأن عقول العباد قاصرة عن إدراك تلك الحكم ومعرفة تلك الأسرار.
واعلم أن الدنيا كلها نفس من أنفاس الآخرة، فمهما طال العمر فيها، فإنما هي أيام قلائل، فعليك أن تتذرع بالصبر والرضا والتسليم لحكم الله.
وسل الله الفرج، والزم ذكره ودعاءه والابتهال إليه؛ فإن الله يحب إلحاح الملحين في الدعاء، ولا تتسخط أقدار الله؛ فإن هذا لا يفيدك شيئا، فإن من رضي فله الرضا وقدر الله ماض، ومن سخط فله السخط وقدر الله ماض، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ {التغابن:11}. قال علقمة: هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم.
والله لم يظلم بني آدم حيث حملهم التكاليف الشرعية، فقد حمل الإنسان الأمانة فحملها، واستخرج من ظهر آدم ذريته كالذر وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى.
فالله تعالى منزه عن الظلم سبحانه وبحمده، بل كل أفعاله عدل وحكمة ومصلحة، فنصيحتنا لك هي أن ترضى بقضاء الله، وتوطن نفسك على التسليم لحكم الله، وإياك والتسخط على أقدار الله.
وعليك بالتداوي ما وسعك، امتثالا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، والزم الدعاء؛ ففيه الخير الكثير، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
والله أعلم.