الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المجاهر بالفسق المستعلن به -كمن يظهر الغناء المحرم- لا حرج في ذكره بما جاهر به من فسق، ولا يعد هذا من الغيبة المحرم. قال الغزالي: اعلم أن المرخص في ذكر مساوي الغير هو غرض صحيح في الشرع لا يمكن التوصل إليه إلا به فيدفع ذلك إثم الغيبة، وهي ستة أمور:
السادس: أن يكون مجاهرا بالفسق؛ كالمخنث، وصاحب الماخور، والمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة الناس، وكان ممن يتظاهر به بحيث لا يستنكف من أن يذكر له، ولا يكره أن يذكر به، فإذا ذكرت فيه ما يتظاهر به فلا إثم عليك. قال عمر -رضي الله عنه-: ليس لفاجر حرمة، وأراد به المجاهر بفسقه دون المستتر؛ إذ المستتر لا بد من مراعاة حرمته.
وقال الصلت بن طريف: قلت للحسن: الرجل الفاسق المعلن بفجوره ذكرى له بما فيه غيبة له؟ قال: لا، ولا كرامة.
وقال الحسن: ثلاثة لا غيبة لهم صاحب الهوى والفاسق المعلن بفسقه والإمام الجائر.
فهؤلاء الثلاثة يجمعهم أنهم يتظاهرون به وربما يتفاخرون به فكيف يكرهون ذلك وهم يقصدون إظهاره؟
نعم لو ذكره بغير ما يتظاهر به إثم، وقال عوف دخلت على ابن سيرين فتناولت عنده الحجاج فقال إن الله حكم عدل ينتقم للحجاج ممن اغتابه كما ينتقم من الحجاج لمن ظلمه وإنك إذا لقيت الله تعالى غدا كان أصغر ذنب أصبته أشد عليك من أعظم ذنب أصابه الحجاج. اهـ. باختصار من إحياء علوم الدين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما الحديث -«لا غيبة لفاسق»- فليس هو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكنه مأثور عن الحسن البصري أنه قال أترغبون عن ذلك الفاجر؟ اذكروه بما فيه يحذره الناس. وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء.
أحدهما: أن يكون الرجل مظهرا للفجور مثل: الظلم، والفواحش، والبدع المخالفة السنة.
النوع الثاني: أن يستشار الرجل في مناكحته ومعاملته أو استشهاده، ويعلم أنه لا يصلح لذلك، فينصحه مستشيره ببيان حاله .اهـ. باختصار من مجموع الفتاوى.
وراجع للفائدة الفتويين: 134384، 104123 .
والله أعلم.