الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن صور ذوات الأرواح الناقصة عضوًا لا تتم الحياة دونه -كرسم الرأس وحده مثلا-، يستثنيها كثير من العلماء -الذين يرون تحريم الصور المرسومة- من التحريم، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
المالكية لا يرون تحريم تصوير الإنسان، أو الحيوان - سواء أكانت الصورة تمثالًا مجسمًا، أو صورة مسطحة - إن كانت ناقصة عضو من الأعضاء الظاهرة مما لا يعيش الحيوان بدونه، كما لو كان مقطوع الرأس، أو كان مخروق البطن، أو الصدر.
وكذلك يقول الحنابلة، وهذا مذهب الشافعية أيضًا، ولم ينقل بينهم في ذلك خلاف، إلا ما شذ به المتولي، غير أنهم اختلفوا فيما إذا كان المقطوع غير الرأس، وقد بقي الرأس. والراجح عندهم في هذه الحالة التحريم. اهـ.
وعليه؛ إن كان رسم الأنمي للرأس وحده، فلا بأس به -بقطع النظر عن وجود الملامح من عدمها-.
وأما إن كانت الرسمة تامة الخلقة، لكن مع إخفاء ملامح الوجه من العين والأنف والفم، فقد رخص فيها أيضًا بعض العلماء، قال ابن عثيمين: أما مسألة القطن، والذي ما تتبين له صورة على الرغم مما هناك من أنه أعضاء ورأس ورقبة, ولكن ليس فيه عيون ولا أنف، فما فيه بأس؛ لأن هذا لا يضاهي خلق الله. اهـ. وقال أيضًا: إذا لم تكن الصورة واضحة، أي: ليس فيها عين أو أنف ولا فم ولا أصابع، فهذه ليست صورة كاملة، ولا مضاهية لخلق الله عز وجل. اهـ. من مجموع فتاواه.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن الصور التامة إن كانت ترسم للأطفال بغرض إيناسهم وتعليمهم، فلا حرج فيها، فقد جاءت السنة بالرخصة في اللعب بتماثيل البنات للصغار، كما في صحيح البخاري عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل، يتقمعن منه، فيسربهن إليّ، فيلعبن معي.
فالترخيص في الصور المرسومة التي لا ظل لها لغرض تعليم الأطفال، وإيناسهم، من باب أولى، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
استثنى أكثر العلماء من تحريم التصوير، وصناعة التماثيل، صناعة لعب البنات. وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة. وقد نقل القاضي عياض جوازه عن أكثر العلماء، وتابعه النووي في شرح مسلم، فقال: يستثنى من منع تصوير ما له ظل، ومن اتخاذه لعب البنات؛ لما ورد من الرخصة في ذلك. اهـ.
وفيها: التصوير للمصلحة، كالتعليم، وغيره: لم نجد أحدًا من الفقهاء تعرض لشيء من هذا، عدا ما ذكروه في لعب الأطفال: أن العلة في استثنائها من التحريم العام، هو تدريب البنات على تربية الأطفال، كما قال جمهور الفقهاء، أو التدريب واستئناس الأطفال، وزيادة فرحهم؛ لمصلحة تحسين النمو، كما قال الحليمي، وأن صناعة الصور أبيحت لهذه المصلحة، مع قيام سبب التحريم، وهي كونها تماثيل لذوات الأرواح. والتصوير بقصد التعليم، والتدريب، نحوهما لا يخرج عن ذلك. اهـ.
والله أعلم.