الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أنكِ استعجلتِ في أمر كان ينبغي الأناة فيه؛ لأن الزواج مشوار طويل، تعتريه كثير من العوائق، التي تقتضي اتخاذ الأسباب، التي يمكن أن تجتاز بها كل الصعاب؛ لتكون الحياة مستقرة.
ومن أهم هذه الأسباب: حسن الاختيار، وتحرِّي صاحب الدِّين، والخُلُق، فإنه أرجى لأن يُكْرِم زوجته، ويعرف لها حقّها، ويتغاضى عن زلاتها، روى الترمذي عن أبي حاتم المزني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا جاءكم من ترضون دينه، وخلقه، فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد»، قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه، وخلقه، فأنكحوه»، ثلاث مرات. وجاء في الأثر عن الحسن البصري أنه أتاه رجل، فقال: إن لي بنتًا أحبها، وقد خطبها غير واحد، فمن تشير عليّ أن أزوجها؟ قال: زوِّجها رجلًا يتقي الله، فإنه إن أحبّها، أكرمها، وإن أبغضها، لم يظلمها. أورده البغوي في شرح السنة.
والصلاة هي عماد الدين، فمن ضّيعها، فهو لما سواها أضيع، فإن كان مفرّطًا فيها، فلا يستغرب منه أن يكون عاقًّا لأمّه، أو أنه يدخّن، ونحو ذلك.
وعلى كل؛ فإن تاب إلى الله عز وجل من ذلك كله، واستقام، وحسنت سيرته، فذاك، وإلا فاطلبي منه الطلاق؛ فإنه إن أصرّ، ولم يتب، فلا خير لك في البقاء في عصمة مثله، والفسق من مسوّغات طلب الطلاق، كما بينا في الفتوى: 37112.
والطلاق قبل الدخول، أهون من أن يتم الدخول، ويولد الأولاد؛ فتكون أضرار الفراق عندها أكبر.
ولا تلتفتي إلى كونه يحبك، فذلك قد لا يفيدك شيئًا إن تم الزواج، وهو على حاله من الانحراف.
والله أعلم.