الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتوسل بالأعمال الصالحة من أنواع التوسل المشروعة، وراجع في ذلك الفتوى: 64080.
والجزء الأول من الدعاء المسئول عنه، وإن كان لا يبعد عن هذا المعنى، إلا أن الوارد في السنة إنما هو في التوسل بعمل معروف يُعيِّنه الداعي، كما في حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار، وراجع الفتوى: 28845.
وأما الجزء الثاني من الدعاء، وهو قول الداعي: (فإن رحمتك أحب إليَّ وأوسع) فإنه من التوسل المشروع بأسماء الله تعالى وصفاته، ولكن الجمع بين التوسل بالأعمال الصالحة إن وجدت، وبين قول الداعي بعدها: (فإن رحمتك أحب إليَّ وأوسع) قد يعترض عليها معترض فيقول: إن كان الأمر كذلك، فليكتفِ الداعي بما هو أوسع وأحب إليه، ولا داعي لتقديم احتمال وجود عمل مقبول مرضي عند الله. والاكتفاء بذلك له أصل مروي في السنة، وهو حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: واذنوباه واذنوباه! فقال هذا القول مرتين أو ثلاثا، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي». فقالها ثم قال: «عد» فعاد ثم، قال: «عد» فعاد، فقال: «قم فقد غفر الله لك» رواه البيهقي في الشعب من طريق الحاكم في مستدركه، وقال الحاكم: رواته عن آخرهم مدنيون ممن لا يعرف واحد منهم بجرح، ولم يخرجاه.
ونقله المنذري في الترغيب ولم يتعقبه. وعزاه السيوطي في الجامع الصغير للأحاديث المختارة للضياء المقدسي، ورمز لصحته. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة.
والمقصود أنا نرى الاقتصار على المروي في السنة، فهو خير وأنفع. وهو التوسل بعمل معين من الأعمال الصالحة التي يرجو صاحبها قبولها، إلا فليتوسل بأسماء الله تعالى وصفاته.
والله أعلم.